شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

211 - ومن كلام له #

صفحة 118 - الجزء 11

  وتلقاه بالنحر والصدر وعجل إلى الله بالإيمان والصدق ألا تعلم أن جعفرا قطعت يمناه فأمسك اللواء بيسراه وقطعت يسراه فضم اللواء إلى حشاه ثم قاتله ظاهر الشرك بالله وقاتل علي ممن صلى إلى القبلة وشهد الشهادة وأقدم عليه بتأويل وقاتل جعفر كافر بالنص الذي لا خلاف فيه أما تعلم أن جعفرا ذو الجناحين وذو الهجرتين إلى الحبشة والمدينة.

  قال النقيب | اعلم فداك شيخك أن أبا حيان رجل ملحد زنديق يحب التلاعب بالدين ويخرج ما في نفسه فيعزوه إلى قوم لم يقولوه وأقسم بالله إن القاضي أبا سعد لم يقل من هذا الكلام لفظة واحدة ولكنها من موضوعات أبي حيان وأكاذيبه وترهاته كما يسند إلى القاضي أبي حامد المروروذي كل منكر ويروى عنه كل فاقرة.

  ثم قال يا أبا حيان مقصودك أن تجعلها مسألة خلاف تثير بها فتنة بين الطالبيين لتجعل بأسهم بينهم وكيف تقلبت الأحوال فالفخر لهم لم يخرج عنهم.

  ثم ضحك | حتى استلقى ومد رجليه وقال هذا كلام يستغنى عن الإطالة في إبطاله بإجماع المسلمين فإنه لا خلاف بين المسلمين في أن عليا أفضل من جعفر وإنما سرق أبو حيان هذا المعنى الذي أشار إليه من رسالة المنصور أبي جعفر إلى محمد بن عبد الله النفس الزكية قال له وكانت بنو أمية يلعنون أباك في أدبار الصلوات المكتوبات كما تلعن الكفرة فعنفناهم وكفرناهم وبينا فضله وأشدنا بذكره فاتخذت ذلك علينا حجة وظننت أنه لما ذكرناه من فضله أنا قدمناه على حمزة والعباس وجعفر أولئك مضوا سالمين مسلمين منهم وابتلي أبوك بالدماء.

  فقلت له | وإذا لا إجماع في المسألة لأن المنصور لم يقل بتفضيله عليهم