شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نسب معاوية بن أبي سفيان وذكر بعض أخباره

صفحة 339 - الجزء 1

  قدم معاوية المدينة قدمة أيام عثمان في أواخر خلافته، فجلس عثمان يوما للناس فاعتذر من أمور نقمت عليه فقال إن رسول الله ÷ قبل توبة الكافر، وإني رددت الحكم عمي؛ لأنه تاب فقبلت توبته ولو كان بينه وبين أبي بكر وعمر من الرحم ما بيني وبينه لآوياه، فأما ما نقمتم علي أني أعطيت من مال الله، فإن الأمر إلي أحكم في هذا المال بما أراه صلاحا للأمة وإلا فلما ذا كنت خليفة فقطع عليه الكلام معاوية، وقال للمسلمين الحاضرين عنده أيها المهاجرون قد علمتم أنه ليس منكم رجل إلا وقد كان قبل الإسلام مغمورا في قومه تقطع الأمور من دونه حتى بعث الله رسوله، فسبقتم إليه وأبطأ عنه أهل الشرف والرئاسة فسدتم بالسبق لا بغيره حتى إنه ليقال اليوم رهط فلان وآل فلان ولم يكونوا قبل شيئا مذكورا وسيدوم لكم هذا الأمر ما استقمتم، فإن تركتم شيخنا هذا يموت على فراشه وإلا خرج منكم ولا ينفعكم سبقكم وهجرتكم.

  فقال له علي # ما أنت وهذا يا ابن اللخناء.

  فقال معاوية مهلا يا أبا الحسن عن ذكر أمي فما كانت بأخس نسائكم، ولقد صافحها رسول الله ÷ يوم أسلمت ولم يصافح امرأة غيرها أما لو قالها غيرك فنهض علي # ليخرج مغضبا.

  فقال عثمان: اجلس.

  فقال له: لا أجلس.

  فقال: عزمت عليك لتجلسن فأبى وولى، فأخذ عثمان طرف ردائه فترك الرداء في يده وخرج، فأتبعه عثمان بصره، فقال: والله لا تصل إليك ولا إلى أحد من ولدك.

  قال أسامة بن زيد كنت حاضرا هذا المجلس فعجبت في نفسي من تألي عثمان فذكرته لسعد بن أبي وقاص، فقال لا تعجب فإني سمعت رسول الله ÷ يقول لا ينالها علي ولا ولده.

  قال أسامة: فإني في الغد لفي المسجد، وعلي، وطلحة، والزبير، وجماعة من المهاجرين جلوس إذ جاء معاوية، فتآمروا بينهم ألا يوسعوا له، فجاء حتى جلس بين أيديهم