شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

216 - ومن كلام له # قاله بعد تلاوته

صفحة 149 - الجزء 11

  ودفين على بقايا دفين ... من عهود الآباء والأجداد

  صاح هذي قبورنا تملأ الأرض ... فأين القبور من عهد عاد

  سر إن اسطعت في الهواء رويدا ... لا اختيالا على رفات العباد

  قوله وتستنبتون في أجسادهم أي تزرعون النبات في أجسادهم وذلك لأن أديم الأرض الظاهر إذا كان من أبدان الموتى فالزرع لا محالة يكون نابتا في الأجزاء الترابية التي هي أبدان الحيوانات وروي وتستثبتون بالثاء أي وتنصبون الأشياء الثابتة كالعمد والأساطين للأوطان في أجساد الموتى.

  ثم قال وترتعون فيما لفظوا لفظت الشيء بالفتح رميته من فمي ألفظه بالكسر ويجوز أن يريد بذلك أنكم تأكلون ما خلفوه وتركوه ويجوز أن يريد أنكم تأكلون الفواكه التي تنبت في أجزاء ترابية خالطها الصديد الجاري من أفواههم ثم قال وتسكنون فيما خربوا أي تسكنون في المساكن التي لم يعمروها بالذكر والعبادة فكأنهم أخربوها في المعنى ثم سكنتم أنتم فيها بعدهم ويجوز أن يريد أن كل دار عامرة قد كانت من قبل خربة وإنما أخربها قوم بادوا وماتوا فإذن لا ساكن منا في عمارة إلا ويصدق عليه أنه ساكن فيما قد كان خرابا من قبل والذين أخربوه الآن موتى ويجوز أن يريد بقوله وتسكنون فيما خربوا وتسكنون في دور فارقوها وأخلوها فأطلق على الخلو والفراغ لفظ الخراب مجازا.

  قوله وإنما الأيام بينكم وبينهم بواك ونوائح عليكم يريد أن الأيام والليالي تشيع رائحا إلى المقابر وتبكي وتنوح على الباقين الذين سيلتحقون به عن قريب.