شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

216 - ومن كلام له # قاله بعد تلاوته

صفحة 152 - الجزء 11

  مَا كَانَ يَجِدُهُ وَتَوَلَّدَتْ فِيهِ فَتَرَاتُ عِلَلٍ آنَسَ مَا كَانَ بِصِحَّتِهِ فَفَزِعَ إِلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ اَلْأَطِبَّاءُ مِنْ تَسْكِينِ اَلْحَارِّ بِالْقَارِّ وَتَحْرِيكِ اَلْبَارِدِ بِالْحَارِّ فَلَمْ يُطْفِئُ بِبَارِدٍ إِلاَّ ثَوَّرَ حَرَارَةً وَلاَ حَرَّكَ بِحَارٍّ إِلاَّ هَيَّجَ بُرُودَةً وَلاَ اِعْتَدَلَ بِمُمَازِجٍ لِتِلْكَ اَلطَّبَائِعِ إِلاَّ أَمَدَّ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ دَاءٍ حَتَّى فَتَرَ مُعَلِّلُهُ وَذَهَلَ مُمَرِّضُهُ وَتَعَايَا أَهْلُهُ بِصِفَةِ دَائِهِ وَخَرِسُوا عَنْ جَوَابِ اَلسَّاِئِلينَ عَنْهُ وَتَنَازَعُوا دُونَهُ شَجِيَّ خَبَرٍ يَكْتُمُونَهُ فَقَائِلٌ يَقُولُ هُوَ لِمَا بِهِ وَمُمَنٍّ لَهُمْ إِيَابَ عَافِيَتِهِ وَمُصَبِّرٌ لَهُمْ عَلَى فَقْدِهِ يُذَكِّرُهُمْ أَسَى اَلْمَاضِينَ مِنْ قَبْلِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ عَلَى جَنَاحٍ مِنْ فِرَاقِ اَلدُّنْيَا وَتَرْكِ اَلْأَحِبَّةِ إِذْ عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ مِنْ غُصَصِهِ فَتَحَيَّرَتْ نَوَافِذُ فِطْنَتِهِ وَيَبِسَتْ رُطُوبَةُ لِسَانِهِ فَكَمْ مِنْ مُهِمٍّ مِنْ جَوَابِهِ عَرَفَهُ فَعَيَّ عَنْ رَدِّهِ وَدُعَاءٍ مُؤْلِمٍ بِقَلْبِهِ سَمِعَهُ فَتَصَامَّ عَنْهُ مِنْ كَبِيرٍ كَانَ يُعَظِّمُهُ أَوْ صَغِيرٍ كَانَ يَرْحَمُهُ وَإِنَّ لِلْمَوْتِ لَغَمَرَاتٍ هِيَ أَفْظَعُ مِنْ أَنْ تُسْتَغْرَقَ بِصِفَةٍ أَوْ تَعْتَدِلَ عَلَى عُقُولِ أَهْلِ اَلدُّنْيَا هذا موضع المثل ملعا يا ظليم وإلا فالتخوية من أراد أن يعظ ويخوف ويقرع صفاة القلب ويعرف الناس قدر الدنيا وتصرفها بأهلها فليأت بمثل هذه الموعظة في مثل هذا الكلام الفصيح وإلا فليمسك فإن السكوت أستر والعي خير من منطق يفضح صاحبه ومن تأمل هذا الفصل علم صدق معاوية في قوله فيه والله ما سن