شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

قلم أصاب من الدواة مدادها

صفحة 155 - الجزء 11

  قوله ولا يأذنون للقواصف أي لا يسمعون الأصوات الشديدة أذنت لكذا أي سمعته.

  وجمع الغائب غيب وغيب وكلاهما مروي هاهنا وأراد أنهم شهود في الصورة وغير حاضرين في المعنى.

  وألاف على فعال جمع آلف كالطراق جمع طارق والسمار جمع سامر والكفار جمع كافر.

  ثم ذكر أنه لم تعم أخبارهم أي لم تستبهم أخبارهم وتنقطع عن بعد عهد بهم ولا عن بعد منزل لهم وإنما سقوا كأس المنون التي أخرستهم بعد النطق وأصمتهم بعد السمع وأسكنتهم بعد الحركة.

  وقوله وبالسمع صمما أي لم يسمعوا فيها نداء المنادي ولا نوح النائح أو لم يسمع في قبورهم صوت منهم.

  قوله فكأنهم في ارتجال الصفة أي إذا وصفهم الواصف مرتجلا غير مترو في الصفة ولا متهيئ للقول.

  قال كأنهم صرعى سبات وهو نوم لأنه لا فرق في الصورة بين الميت حال موته والنائم المسبوت.

  ثم وصفهم بأنهم جيران إلا أنهم لا مؤانسة بينهم كجيران الدنيا وأنهم أحباء إلا أنهم لا يتزاورون كالأحباب من أهل الدنيا.

  وقوله أحباء جمع حبيب كخليل وأخلاء وصديق وأصدقاء.

  ثم ذكر أن عرا التعارف قد بليت منهم وانقطعت بينهم أسباب الإخاء وهذه كلها استعارات لطيفة مستحسنة.