شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

إيراد أشعار وحكايات في وصف الموت وأحوال الموتى

صفحة 173 - الجزء 11

  لا تعجبن فما العجيب فناؤه ... بيد المنون بل العجيب بقاؤه

  إنا لنعجب كيف حم حمامه ... عن صحة ويغيب عنا داؤه

  من طاح في سبل الردى آباؤه ... فليسلكن طريقهم أبناؤه

  ومؤمر نزلوا به في سوقة ... لا شكله فيهم ولا نظراؤه

  قد كان يفرق ظله أقرانه ... ويغض دون جلاله أكفاؤه

  ومحجب ضربت عليه مهابة ... يعشي العيون بهاؤه وضياؤه

  نادته من خلف الحجاب منية ... أمم فكان جوابها حوباؤه

  شقت إليه سيوفه ورماحه ... وأميط عنه عبيده وإماؤه

  لم يغنه من كان ود لو أنه ... قبل المنون من المنون فداؤه

  حرم عليه الذل إلا أنه ... أبدا ليشهد بالجلال بناؤه

  متخشع بعد الأنيس جنابه ... متضائل بعد القطين فناؤه

  عريان تطرد كل ريح تربه ... ويطيع أول أمرها حصباؤه

  ولقد مررت ببرزخ فسألته ... أين الألى ضمتهم أرجاؤه

  مثل المطي بواركا أجداثه ... تسفي على جنباتها بوغاؤه

  ناديته فخفى علي جوابه ... بالقول إلا ما زقت أصداؤه