بيان أحوال العارفين
  وفي صحيح مسلم بن الحجاج أنه قال لأبي هريرة في كلام له فإن أصابك شيء فلا تقل لو فعلت كذا لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان ولكن قل ما قدر الله وما شاء فعل وفي صحيح مسلم أيضا عن البراء بن عازب إذا أخذت مضجعك فقل كذا إلى أن قال وجهت وجهي إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا منجى ولا ملجأ منك إلا إليك.
  وكان يقال معارضة المريض طبيبه توجب تعذيبه وكان يقال إنما الكيس الماهر من أمسى في قبضة القاهر.
  وكان يقال إذا كانت مغالبة القدر مستحيلة فما من أعوان تقوده إلى الحيلة.
  وكان يقال إذا التبست المصادر ففوض إلى القادر.
  وكان يقال من الدلالة على أن الإنسان مصرف مغلوب ومدبر مربوب أن يتبلد رأيه في بعض الخطوب ويعمى عليه الصواب المطلوب.
  وإذا كان كذلك فربما كان تدميره في تدبيره واغتياله من احتياله وهلكته من حركته.
  وفي ذلك أنشدوا:
  أيا من يعول في المشكلات ... على ما رآه وما دبره
  إذا أعضل الأمر فافزع به ... إلى من يرى منه ما لم تره
  تكن بين عطف يقيل الخطوب ... ولطف يهون ما قدره
  إذا كنت تجهل عقبى الأمور ... وما لك حول ولا مقدره
  فلم ذا العنا وعلام الأسى ... ومم الحذار وفيم الشره