شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

بيان أحوال العارفين

صفحة 228 - الجزء 11

  وأنشدوا في هذا المعنى:

  يا رب مغتبط ومغبوط ... بأمر فيه هلكه

  ومنافس في ملك ما ... يشقيه في الدارين ملكه

  علم العواقب دونه ... ستر وليس يرام هتكه

  ومعارض الأقدار بالآراء ... سيئ الحال ضنكه

  فكن امرأ محض اليقين ... وزيف الشبهات سبكه

  تفويضه توحيده ... وعناده المقدار شركه

  ومنها الولاية والمعرفة وقد تقدم القول فيهما.

  ومنها الدعاء والمناجاة قال الله تعالى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}⁣[غافر: ٦٠] وفي الحديث المرفوع الدعاء مخ العبادة.

  وقد اختلف أرباب هذا الشأن في الدعاء فقال قوم الدعاء مفتاح الحاجة ومستروح أصحاب الفاقات وملجأ المضطرين ومتنفس ذوي المآرب.

  وقد ذم الله تعالى قوما فقال {وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ}⁣[التوبة: ٦٧] فسروه وقالوا لا يمدونها إليه في السؤال.

  وقال سهل بن عبد الله التستري خلق الله الخلق وقال تاجروا في فإن لم تفعلوا فاسمعوا مني فإن لم تفعلوا فكونوا ببابي فإن لم تفعلوا فأنزلوا حاجاتكم بي.

  قالوا وقد أثنى الله على نفسه فقال {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ}⁣[النمل: ٦٢] قالوا الدعاء إظهار فاقة العبودية.