شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ومنها الفقر وهو شعار الصالحين

صفحة 232 - الجزء 11

ومنها الفقر وهو شعار الصالحين

  قال رسول الله ÷ اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني مع المساكين.

  قال لعلي # إن الله قد زينك بزينة لم يزين العباد بأحسن منها وهب لك حب المساكين فجعلك ترضى بهم أتباعا ويرضون بك إماما.

  وجاء في الخبر المرفوع الفقراء الصبر جلساء الله يوم القيامة.

  وسئل يحيى بن معاذ عن الفقر فقال ألا تستغني إلا بالله.

  وقال أبو الدرداء لأن أقع من فوق قصر فأتحطم أحب إلي من مجالسة الغني لأني سمعت رسول الله ÷ يقول إياكم ومجالسة الموتى فقيل له وما الموتى قال الأغنياء.

  قيل للربيع بن خثيم قد غلا السعر قال نحن أهون على الله من أن يجيعنا إنما يجيع أولياءه.

  وقيل ليحيى بن معاذ ما الفقر قال خوف الفقر.

  وقال الشبلي أدنى علامات الفقير أن لو كانت الدنيا بأسرها لواحد فأنفقها في يوم واحد ثم خطر بباله لو أمسكت منها قوت يوم آخر لم يصدق في فقره.

  سئل ابن الجلاء عن الفقر فسكت ثم ذهب قليلا وعاد فقال كانت عندي أربعة دوانيق فضة فاستحييت من الله أن أتكلم في الفقر وهي عندي فذهبت فأخرجتها ثم قعد فتكلم في الفقر.

  وقال أبو علي الدقاق في تفسير

  قوله ÷ من تواضع لغني ذهب ثلثا دينه إن المرء بقلبه ولسانه وجوارحه فمن تواضع لغني بلسانه وجوارحه ذهب ثلثا دينه فإن تواضع له مع ذلك بقلبه ذهب دينه كله.