شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أدعية فصيحة من كلام أبي حيان التوحيدي

صفحة 274 - الجزء 11

  بالنجاح منك وإجابتنا لك راجعة إلى التهالك فيك وذكرنا إياك منوطا بالسكون معك وثقتنا بك هادئة إلى التفويض إليك ولا تخلنا من يد تستوعب الشكر ومن شكر يمتري خلف المزيد ومن مزيد يسبق اقتراح المقترحين وصنع يفوق ذرع الطالبين حتى نلقاك مبشرين بالرضا محكمين في المنى غير مناقشين ولا مطرودين.

  اللهم أعذنا من جشع الفقير وريبة المنافق وتجليح المعاند وطيشة العجول وفترة الكسلان وحيلة المستبد وفتور العقل وحيرة المخرج وحسرة المحوج وفلتة الذهول وحرقة النكول ورقة الخائف وطمأنينة المغرور وغفلة الغرور.

  واكفنا مئونة أخ يرصد مسكونا إليه ويمكر موثوقا به ويخيس معتمدا عليه.

  وصل الكفاية بالسلوة عن هذه الدنيا واجعل التهافنا عليها حنينا إلى دار السلام ومحل القرار وغلب إيماننا بالغيب على يقيننا بالعيان واحرسنا من أنفسنا فإنها ينابير الشهوة ومفاتيح البلوى.

  وأرنا من قدرتك ما يحفظ علينا هيبتك وأوضح لنا من حكمتك ما يقلبنا في ملكوتك وأسبغ علينا من نعمتك ما يكون لنا عونا على طاعتك وأشع في صدورنا من نورك ما تتجلى به حقائق توحيدك واجعل ديدننا ذكرك وعادتنا الشوق إليك وعلمنا النصح لخلقك واجعل غايتنا الاتصال بك واحجبنا عن قول يبرئ من رضاك وعمل يعمى صاحبه عن هداك وألف بيننا وبين الحق وقربنا من معادن الصدق واعصمنا من بوائق الخلق وانقلنا من مضايق الرق واهدنا إلى فوائد العتق.

  اللهم إنك بدأت بالصنع وأنت أهله فعد بالتوفيق فإنك أهله.