بعث معاوية بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن
  فلما قدم كتابهم دعا بسر بن أبي أرطاة وكان قاسي القلب فظا سفاكا للدماء لا رأفة عنده ولا رحمة فأمره أن يأخذ طريق الحجاز والمدينة ومكة حتى ينتهي إلى اليمن وقال له لا تنزل على بلد أهله على طاعة علي إلا بسطت عليهم لسانك حتى يروا أنهم لا نجاء لهم وأنك محيط بهم ثم اكفف عنهم وادعهم إلى البيعة لي فمن أبى فاقتله واقتل شيعة علي حيث كانوا.
  وروى إبراهيم بن هلال الثقفي في كتاب الغارات عن يزيد بن جابر الأزدي قال سمعت عبد الرحمن بن مسعدة الفزاري يحدث في خلافة عبد الملك قال لما دخلت سنة أربعين تحدث الناس بالشام أن عليا # يستنفر الناس بالعراق فلا ينفرون معه وتذاكروا أن قد اختلفت أهواؤهم ووقعت الفرقة بينهم قال فقمت في نفر من أهل الشام إلى الوليد بن عقبة فقلنا له إن الناس لا يشكون في اختلاف الناس على علي # بالعراق فادخل إلى صاحبك فمره فليسر بنا إليهم قبل أن يجتمعوا بعد تفرقهم أو يصلح لصاحبهم ما قد فسد عليه من أمره فقال بلى لقد قاولته في ذلك وراجعته وعاتبته حتى لقد برم بي واستثقل طلعتي وايم الله على ذلك ما أدع أن أبلغه ما مشيتم إلي فيه.
  فدخل عليه فخبره بمجيئنا إليه ومقالتنا له فأذن لنا فدخلنا عليه فقال ما هذا الخبر الذي جاءني به عنكم الوليد فقلنا هذا خبر في الناس سائر فشمر للحرب وناهض الأعداء واهتبل الفرصة واغتنم الغرة فإنك لا تدري متى تقدر على عدوك على مثل حالهم التي هم عليها وأن تسير إلى عدوك أعز لك من أن يسيروا إليك واعلم