بعث معاوية بسر بن أرطاة إلى الحجاز واليمن
  والله أنه لو لا تفرق الناس عن صاحبك لقد نهض إليك فقال لنا ما أستغني عن رأيكم ومشورتكم ومتى أحتج إلى ذلك منكم أدعكم إن هؤلاء الذين تذكرون تفرقهم على صاحبهم واختلاف أهوائهم لم يبلغ ذلك عندي بهم أن أكون أطمع في استئصالهم واجتياحهم وأن أسير إليهم مخاطرا بجندي لا أدري علي تكون الدائرة أم لي فإياكم واستبطائي فإني آخذ بهم في وجه هو أرفق بكم وأبلغ في هلكتهم قد شننت عليهم الغارات من كل جانب فخيلي مرة بالجزيرة ومرة بالحجاز وقد فتح الله فيما بين ذلك مصر فأعز بفتحها ولينا وأذل به عدونا فأشراف أهل العراق لما يرون من حسن صنيع الله لنا يأتوننا على قلائصهم في كل الأيام وهذا مما يزيدكم الله به وينقصهم ويقويكم ويضعفهم ويعزكم ويذلهم فاصبروا ولا تعجلوا فإني لو رأيت فرصتي لاهتبلتها.
  فخرجنا من عنده ونحن نعرف الفصل فيما ذكر فجلسنا ناحية وبعث معاوية عند خروجنا من عنده إلى بسر بن أبي أرطاة فبعثه في ثلاثة آلاف وقال سر حتى تمر بالمدينة فاطرد الناس وأخف من مررت به وانهب أموال كل من أصبت له مالا ممن لم يكن دخل في طاعتنا فإذا دخلت المدينة فأرهم أنك تريد أنفسهم وأخبرهم أنه لا براءة لهم عندك ولا عذر حتى إذا ظنوا أنك موقع بهم فاكفف عنهم ثم سر حتى تدخل مكة ولا تعرض فيها لأحد وأرهب الناس عنك فيما بين المدينة ومكة واجعلها شردا حتى تأتي صنعاء والجند فإن لنا بهما شيعة وقد جاءني كتابهم.
  فخرج بسر في ذلك البعث حتى أتى دير مروان فعرضهم فسقط منهم أربعمائة فمضى في ألفين وستمائة فقال الوليد بن عقبة أشرنا على معاوية برأينا أن يسير