شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

26 - ومن خطبة له #

صفحة 20 - الجزء 2

  وقال أبو البختري وهب بن وهب القاضي كنت عند الرشيد يوما واستدعى ماء مبردا بالثلج فلم يوجد في الخزانة ثلج فاعتذر إليه بذلك وأحضر إليه ماء غير مثلوج فضرب وجه الغلام بالكوز واستشاط غضبا فقلت له أقول يا أمير المؤمنين وأنا آمن فقال قل قلت يا أمير المؤمنين قد رأيت ما كان من الغير بالأمس يعني زوال دولة بني أمية والدنيا غير دائمة ولا موثوق بها والحزم ألا تعود نفسك الترفه والنعمة بل تأكل اللين والجشب وتلبس الناعم والخشن وتشرب الحار والقار فنفحني بيده وقال لا والله لا أذهب إلى ما تذهب إليه بل ألبس النعمة ما لبستني فإذا نابت نوبة الدهر عدت إلى نصاب غير خوار.

  وقوله والآثام بكم معصوبة استعارة كأنها مشدودة إليهم.

  وعنى بقوله تسفكون دماءكم وتقطعون أرحامكم ما كانوا عليه في الجاهلية من الغارات والحروب: ومِنْهَا صِفَتُهُ قَبْلَ اَلْبَيْعَةِ لَهُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا لَيْسَ لِي مُعِينٌ إِلاَّ أَهْلُ بَيْتِي فَضَنِنْتُ بِهِمْ عَنِ اَلْمَوْتِ وأَغْضَيْتُ عَلَى اَلْقَذَى وشَرِبْتُ عَلَى اَلشَّجَا وصَبَرْتُ عَلَى أَخْذِ اَلْكَظَمِ وعَلَى أَمَرَّ مِنْ طَعْمِ [حُزْنِ] اَلْعَلْقَمِ