الطعن الأول
  ذكره المؤرخون أنه قال ما مات رسول الله ÷ وإنما غاب عنا كما غاب موسى عن قومه وسيعود فتقطع أيدي رجال وأرجلهم ممن أرجف بموته وهذه الرواية تخالف ما ذكره المرتضى.
  فأما قوله وكيف حمل معنى قوله {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}[التوبة: ٣٣] وقوله {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}[النور: ٥٥] على أن ذلك لا يكون في المستقبل فقد بينا الشبهة الداخلة عليه في ذلك وكونه ظن أن ذلك يكون معجلا على الفور وكذلك قوله {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} ... {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا}[النور: ٥٥] فإنه ظن أن هذا العموم يدخل فيه رسول الله ÷ لأنه سيد المؤمنين وسيد الصالحين أو أنه لفظ عام والمراد به رسول الله وحده كما ورد في كثير من آيات القرآن مثل ذلك فظن أن هذا الاستخلاف في جميع الأرض وتبديل الخوف بالأمن إنما هو على الفور لا على التراخي وليست هذه الشبهة بضعيفة جدا كما ظن المرتضى بل هي موضع نظر.
  فأما قوله كيف لم يؤمن بموته لما رأى من كآبة الناس وحزنهم فلأن الناس يبنون الأمر على الظاهر وعمر نظر في أمر باطن دقيق فاعتقد أن الرسول لم يمت وإنما ألقي شبهه على غيره كما ألقي شبه عيسى على غيره فصلب وعيسى قد رفع ولم يصلب واعلم أن أول من سن لأهل الغيبة من الشيعة القول بأن الإمام لم يمت ولم يقتل وإن كان في الظاهر وفي مرأى العين قد قتل أو مات إنما هو عمر ولقد كان يجب على المرتضى وطائفته أن يشكروه على ما أسس لهم من هذا الاعتقاد.