الطعن الثاني
  اعتذر قاضي القضاة عن هذا فقال إنه ليس في الخبر أنه أمر برجمها مع علمه بأنها حامل لأنه ليس ممن يخفى عليه هذا القدر وهو أن الحامل لا ترجم حتى تضع وإنما ثبت عنده زناها فأمر برجمها على الظاهر وإنما قال ما قال في معاذ لأنه نبهه على أنها حامل.
  ثم سأل نفسه فقال فإن قيل إذا لم تكن منه معصية فكيف يهلك لو لا معاذ وأجاب بأنه لم يرد لهلك من جهة العذاب وإنما أراد أنه كان يجري بقوله قتل من لا يستحق القتل ويجوز أن يريد بذلك تقصيره في تعرف حالها لأن ذلك لا يمتنع أن يكون بخطيئة وإن صغرت.
  اعترض المرتضى على هذا الاعتذار فقال لو كان الأمر على ما ظننته لم يكن تنبيه معاذ له على هذا الوجه بل كان يجب أن ينبهه بأن يقول له هي حامل ولا يقول له إن كان لك سبيل عليها فلا سبيل لك على ما في بطنها لأن هذا قول من عنده أنه أمر برجمها مع العلم بحملها وأقل ما يجب لو كان الأمر كما ظنه صاحب الكتاب أن يقول لمعاذ ما ذهب علي أن الحامل لا ترجم وإنما أمرت برجمها لفقد علمي بحملها فكان ينفي بهذا القول عن نفسه الشبهة وفي إمساكه عنه مع شدة الحاجة إليه دليل على صحة قولنا وقد كان يجب أيضا أن يسأل عن الحمل لأنه أحد الموانع من الرجم فإذا علم انتفاءه وارتفاعه أمر بالرجم وصاحب الكتاب قد اعترف بأن ترك المسألة عن ذلك تقصير وخطيئة وادعى أنها صغيرة ومن أين له ذلك ولا دليل يدل عنده في غير الأنبياء # أن معصية بعينها صغيرة.
  فأما إقراره بالهلاك لو لا تنبيه معاذ فإنه يقتضي التعظيم والتفخيم لشأن الفعل ولا يليق ذلك إلا بالتقصير الواقع إما في الأمر برجمها مع العلم بأنها حامل أو ترك البحث عن ذلك