شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن الثالث

صفحة 206 - الجزء 12

  علي لهلك عمر دلنا على أنه كان تأثم وتحرج بوقوع الأمر بالرجم وأنه مما لا يجوز ولا يحل وإلا فلا معنى لهذا الكلام وأما ذكر الغم فأي غم كان يلحقه إذا فعل ما له أن يفعله ولم يكن منه تفريط ولا تقصير لأنه إذا كان جنونها لم يعلم به فكانت المسألة عن حالها والبحث لا يجبان عليه فأي وجه لتألمه وتوجعه واستعظامه لما فعله وهل هذا إلا كرجم المشهود عليه بالزناء في أنه لو ظهر للإمام بعد ذلك براءة ساحته لم يجب أن يندم على فعله ويستعظمه لأنه وقع صوابا مستحقا.

  وأما قوله إنه كان لا يمتنع في الشرع أن يقام الحد على المجنون وتأوله الخبر المروي على أنه يقتضي زوال التكليف دون الأحكام فإن أراد أنه لا يمتنع في العقل أن يقام على المجنون ما هو من جنس الحد بغير استخفاف ولا إهانة فذلك صحيح كما يقام على التائب وأما الحد في الحقيقة وهو الذي تضمنه الاستخفاف والإهانة فلا يجوز إلا على المكلفين ومستحقي العقاب وبالجنون قد أزيل التكليف فزال استحقاق العقاب الذي تبعه الحد.

  وقوله لا يمتنع أن يرجع فيما هذه حاله من المشتبه إلى غيره فليس هذا من المشتبه الغامض بل يجب أن يعرفه العوام فضلا عن العلماء على أنا قد بينا أنه لا يجوز أن يرجع الإمام في جلي ولا مشتبه من أحكام الدين إلى غيره.

  وقوله إن الخطأ في ذلك لا يعظم فيمنع من صحة الإمامة اقتراح بغير حجة لأنه إذا اعترف بالخطإ فلا سبيل للقطع على أنه صغير.

  قلت لو كان قد نقل أن أمير المؤمنين قال له أما علمت لكان قول المرتضى قويا ظاهرا إلا أنه لم ينقل هذه الصيغة بعينها والمعروف المنقول أنه قال له قال رسول الله ÷ رفع القلم عن ثلاث فرجع عن رجمها ويجوز أن يكون أشعره بالعلة