شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن السادس

صفحة 243 - الجزء 12

  وهذه المسائل كلها مذهب أبي حنيفة ويوافقه الشافعي في كثير منها ومن تأملها علم أن مبني الحدود على الإسقاط بالشبهات وإن ضعفت.

  فإن قلت كل هذا لا يلزم المرتضى لأن مذهبه في فروع الفقه مخالف لمذهب الفقهاء قلت ذكر محمد بن النعمان وهو شيخ المرتضى الذي قرأ عليه فقه الإمامية في كتاب المقنعة أن الشهود الأربعة إن تفرقوا في الشهادة بالزناء ولم يأتوا بها مجتمعين في وقت في مكان واحد سقط الحد عن المشهود عليه ووجب عليهم حد القذف.

  قال وإذا أقر الإنسان على نفسه بالزناء أربع مرات على اختيار منه للإقرار وجب عليه الحد وإن أقر مرة أو مرتين أو ثلاثا لم يجب عليه الحد بهذا الإقرار وللإمام أن يؤدبه بإقراره على نفسه حسب ما يراه فإن كان أقر على امرأة بعينها جلد حد القذف.

  قال وإن جعل في الحفرة ليرجم وهو مقر على نفسه بالزناء ففر منها ترك ولم يرد لأن فراره رجوع عن الإقرار وهو أعلم بنفسه.

  قال ولا يجب الرجم على المحصن الذي يعده الفقهاء محصنا وهو من وطئ امرأة في نكاح صحيح وإنما الإحصان عندنا من له زوجة أو ملك يمين يستغني بها عن غيرها ويتمكن من وطئها فإن كانت مريضة لا يصل إليها بنكاح أو صغيرة لا يوطأ مثلها أو غائبة عنه أو محبوسة لم يكن محصنا بها ولا يجب عليه الرجم.

  قال ونكاح المتعة لا يحصن عندنا وإذا كان هذا مذهب الإمامية فقد اتفق قولهم وأقوال الفقهاء في سقوط الرجم بأدنى سبب والذي رواه أبو الفرج الأصفهاني أن زيادا لم يحضر في المجلس الأول وأنه حضر في مجلس ثان فلعل إسقاط الحد كان لهذا.

  ثم نعود إلى تصفح ما اعترض به المرتضى كلام قاضي القضاة.