الطعن السادس
  أما قوله كان الحد في حكم الثابت فإن الله تعالى لم يوجب الحد إلا إذا كان ثابتا ولم يوجبه إذا كان في حكم الثابت ويسأل عن معنى قوله في حكم الثابت هل المراد بذلك أنه قريب من الثبوت وإن لم يثبت حقيقة أم المراد أنه قد ثبت وتحقق فإن أراد الثاني قيل له لا نسلم أنه ثبت لأن الشهادة لم تتم وقد اعترف المرتضى بذلك وأقر بأن الشهادة لم تكمل ولكنه نسب ذلك إلى تلقين عمر وإن أراد الأول قيل له ليس يكفي في وحوب الحد أن يكون قريبا إلى الثبوت لأنه لو كفى ذلك لحد الإنسان بشهادة ثلاثة من الشهود.
  وأما قوله إن عمر لقنه وكره أن يشهد فلا ريب أن الأمر وقع كذلك وقد قلنا إن هذا جائز بل مندوب إليه وروينا عن أمير المؤمنين ما رويناه وذكرنا قول الفقهاء في ذلك وإنهم استحبوا أن يقول القاضي للمقر بالزناء تأمل ما تقوله لعلك مسستها أو قبلتها.
  فأما قول المرتضى إنه درأ الحد عن واحد وكان درؤه عن ثلاثة أولى فقد أجاب قاضي القضاة عنه بأنه ما كان يمكن دفعه عنهم فأما قول المرتضى بل قد كان يمكن دفعه عنهم بألا يلقن الرابع الامتناع من الشهادة فقد أجاب قاضي القضاة عنه بأن الزناء ووسم الإنسان به أعظم وأشنع وأفحش من أن يوسم بالكذب والافتراء وعقوبة الزاني أعظم من عقوبة الكاذب القاذف عند الله تعالى في دار التكليف يبين ذلك أن الله تعالى أوجب جلد ثلاثة من المسلمين لتخليص واحد شهد الثلاثة عليه بالزناء فلو لم يكن هذا المعنى ملحوظا في نظر الشارع لما أوجبه فكيف يقول المرتضى ليس لأحد الأمرين إلا ما في الآخر.
  وأما خبر السارق الذي رواه قاضي القضاة وقول المرتضى في الاعتراض عليه ليس في دفع الحد عن السارق إيقاع غيره في المكروه وقصة المغيرة تخالف هذا فليس بجيد