شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الطعن الثامن

صفحة 253 - الجزء 12

  الصلاة إلى بيت المقدس معلوم ضرورة من دينه ÷ وليس كذلك المتعة على أنه لو قال إن الصلاة إلى بيت المقدس كانت في أيام النبي ÷ جائزة وأنا الآن أنهى عنها لكان قبيحا شنيعا مثل ما استقبحنا من القول الأول وليس هذا القول منه ردا على الرسول ÷ لأنه لا يمتنع أن يكون استحسن حظرها في أيامه لوجه لم يكن فيما تقدم واعتقد أن الإباحة في أيام رسول الله ÷ كان لها شرط لم يوجد في أيامه وقد روي عنه أنه صرح بهذا المعنى فقال إنما أحل الله المتعة للناس على عهد رسول الله ÷ والنساء يومئذ قليلة ولذلك روي عنه في متعة الحج أنه قال قد علمت أن رسول الله ÷ فعلها وأصحابه ولكن كرهت أن يظلوا بها معرسين تحت الأراك ثم يرجعوا بالحج تقطر رءوسهم.

  وأما اعتماده على الكف عن النكير فقد تقدم أنه ليس بحجة إلا على شرائط شرحناها على أنه قد روي أن عمر قال بعد نهيه عن المتعة لا أوتي بأحد تزوج متعة إلا عذبته بالحجارة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت وما وجدنا أحدا أنكر عليه هذا القول لأن المتمتع عندهم لا يستحق الرجم ولم يدل ترك النكير على صوابه.

  فأما ادعاؤه على أمير المؤمنين # أنه أنكر على ابن عباس إحلالها فالأمر بخلافه وعكسه فقد روي عنه # من طرق كثيرة أنه كان يفتي بها وينكر على محرمها والناهي عنها وروى عمر بن سعد الهمداني عن حبيش بن المعتمر قال سمعت عليا # يقول لو لا ما سبق من ابن الخطاب في المتعة ما زنى إلا شقي وروى أبو بصير قال سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر # يروي عن جده أمير المؤمنين # لو لا ما سبقني به ابن الخطاب ما زنى إلا شقي وقد أفتى بالمتعة