شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

روى أبو مخنف أيضا أن عمارا قال هذا البيت ذلك اليوم

صفحة 275 - الجزء 12

  مقنب وقتال لا يقوم بقرية لو حمل أمرها ويجوز أن يكون قال ذلك على سبيل المبالغة في استصلاحه لأن يكون صاحب جيش يقاتل به بين يدي الإمام وأنه ليس له دربة ونظر في تدبير البلاد والأطراف وجباية أموالها ألا تراه كيف قال لا يقوم بقرية ويجوز أن يلي الخلافة من هذه حاله ويستعين في أمر العباد والبلاد وجباية الأموال بالكفاة الأمناء فأما الرواية الأخرى التي قال فيها لعثمان لروثة خير منك فهي من روايات الشيعة ولسنا نعرفها من كتب غيرهم.

  فأما قوله كيف قال لا أتحملها حيا وميتا فحصر الخلافة في العدد المخصوص ثم رتبها ذلك الترتيب إلى أن آلت إلى اختيار عبد الرحمن وحده فنقول في جوابه أنه كان يحب إلا يستقل وحده بأمر الخلافة وأن يشاركه في ذلك غيره من صلحاء المهاجرين ليكون أعذر عند الله تعالى وعند الناس وإذا كان قد وضع الشورى على ذلك الوضع المخصوص فلم يتحملها استقلالا بل شركه فيها غيره فهو أقل لتحمله أمرها لو كان عين على واحد بعينه.

  وأما حديث القتل فليس مراده إلا شق العصا ومخالفة الجماعة والتوثب على الأمر مغالبة.

  وقول المرتضى لو كان ذلك من أول يوم لوجب أن يمنع فاعله ويقاتل فأي معنى لضرب الأيام الثلاثة أجلا فإنه يقال له إن الأجل المذكور لم يضرب لقتل من يشق العصا وإنما ضرب لإبرامهم الأمر وفصله قبل أن تتطاول الأيام بهم ويتسامع من بعد عن دار الهجرة أن الخليفة قد قتل وأنهم مضطربون إلى الآن لم يقيموا لأنفسهم خليفة بعده فيطمع أهل الفساد والدعارة ولا يؤمن وقوع الفتن