شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

روى أبو مخنف أيضا أن عمارا قال هذا البيت ذلك اليوم

صفحة 279 - الجزء 12

  # على قدم عظيمة من الوقار والجد والسمت العظيم والهدى الرصين ولكنه كان طلق الوجه سمح الأخلاق وعمر كان يريد مثله من ذوي الفظاظة والخشونة لأن كل واحد يستحسن طبع نفسه ولا يستحسن طبع من يباينه في الخلق والطبع وأنا أعجب من لفظة عمر إن كان قالها إن فيه بطالة وحاش لله أن يوصف علي # بذلك وإنما يوصف به أهل الدعابة واللهو وما أظن عمر إن شاء الله قالها وأظنها زيدت في كلامه وإن الكلمة هاهنا لدالة على انحراف شديد.

  فأما قول أمير المؤمنين # للعباس ولغيره ذهب الأمر منا إن عبد الرحمن لا يخالف ابن عمه فليس معناه أن عمر قصد ذلك وإنما معناه أن من سوء الاتفاق أن وقع الأمر هكذا ويوشك ألا يصل إلينا حيث قد اتفق فيه هذه النكتة.

  فأما قول قاضي القضاة إذا تقدمت للفاعل حالة تقتضي حسن الظن وجب أن يحمل فعله على ما يطابقها واعتراض المرتضى عليه بقوله إن ذلك إنما يجب إذا كان الخير معلوما منه فيما تقدم لا مظنونا ومتى كان مظنونا ثم وجدنا له فعلا يظن به القبيح لم يكن لنا أن نقضي بالسابق على اللاحق فنقول في جوابه أن الإنسان إذا كان مشهورا بالصلاح والخير وتكرر منه فعل ذلك مدة طويلة ثم رأيناه قد وقعت منه حركة تنافي ذلك فيما بعد فإنه يجب علينا أن نحملها على ما يطابق أحواله الأولى ما وجدنا لها محملا لأن أحواله الأولى كثيرة وهذه حالة مفردة شاذة وإلحاق القليل بالكثير وحمله عليه أولى من نقض الكثير بالقليل وقد كانت أحوال عمر مدة عشرين سنة منتظمة في إصلاح الرعية ومناصحة الدين وهذا معلوم منه ضرورة أعني ظاهر أحواله فإذا وقعت عنه حالة واحدة وهي