شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

231 - ومن خطبة له #

صفحة 46 - الجزء 13

  والثاني أن هذا الصانع له صفة لأجلها يصح على ذاته أن تكون قادرة عالمة وهذا هو المعني بوجوده.

  فإن قلت أيقول أصحاب شيخكم أبي هاشم إن الذات المعدومة التي لا أول لها تسمى قديمة قلت لا والبحث في هذا بحث في اللفظ لا في المعنى.

  والمراد بقوله # الدال بحدوث الأشياء على قدمه أي على كونه ذاتا لم يجعلها جاعل وليس المراد بالقدم هاهنا الوجود لم يزل بل مجرد الذاتية لم يزل.

  ثم يستدل بعد ذلك بحدوث الأشياء على أن له صفة أخرى لم تزل زائدة على مجرد الذاتية وتلك الصفة هي وجوده فقد اتضح المراد الآن.

  فإن قلت فهل لهذا الكلام مساغ على مذهب البغداديين قلت نعم إذا حمل على منهج التأويل بأن يريد بقوله وبحدوث خلقه على وجوده أي على صحة إيجاده له فيما بعد أي إعادته بعد العدم يوم القيامة لأنه إذا صح منه تعالى إحداثه ابتداء صح منه إيجاده ثانيا على وجه الإعادة لأن الماهية قابلة للوجود والعدم والقادر قادر لذاته فأما من روى بحدوث خلقه على وجوده فإنه قد سقطت عنه هذه الكلف كلها والمعنى على هذا ظاهر لأنه تعالى دل المكلفين بحدوث خلقه على أنه جواد منعم ومذهب أكثر المتكلمين أنه خلق العالم جودا وإنعاما وإحسانا إليهم.

  قوله # وباشتباههم على أن لا شبه له هذا دليل صحيح وذلك لأنه إذا ثبت أن جسما ما محدث ثبت أن سائر الأجسام محدثة لأن الأجسام متماثلة وكل ما صح على الشيء صح على مثله وكذلك إذا ثبت أن سوادا ما أو بياضا ما محدث ثبت أن سائر السوادات والبياضات محدثة لأن حكم الشيء حكم مثله والسواد في معنى