شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

من أشعار الشارح في المناجاة

صفحة 52 - الجزء 13

  فهل بعد الممات بك اتصال ... فأعلم غامض السر المصون

  نوى قذف وكم قد مات قبلي ... بحسرته عليك من القرون

  ومن شعري أيضا في المعنى وكنت أنادي به ليلا في مواضع مقفرة خالية من الناس بصوت رفيع وأجدح قلبي أيام كنت مالكا أمري مطلقا من قيود الأهل والولد وعلائق الدنيا:

  يا مدهش الألباب والفطن ... ومحير التقوالة اللسن

  أفنيت فيك العمر أنفقه ... والمال مجانا بلا ثمن

  أتتبع العلماء أسألهم ... وأجول في الآفاق والمدن

  وأخالط الملل التي اختلفت ... في الدين حتى عابد الوثن

  وظننت أني بالغ غرضي ... لما اجتهدت ومبرئ شجني

  ومطهر من كل رجس هوى ... قلبي بذاك وغاسل درني

  فإذا الذي استكثرت منه هو ... الجاني علي عظائم المحن

  فضللت في تيه بلا علم ... وغرقت في يم بلا سفن

  ورجعت صفر الكف مكتئبا ... حيران ذا هم وذا حزن

  أبكي وأنكت في الثرى بيدي ... طورا وأدعم تارة ذقني

  وأصيح يا من ليس يعرفه ... أحد مدى الأحقاب والزمن

  يا من له عنت الوجوه ومن ... قرنت له الأعناق في قرن

  آمنت يا جذر الأصم من الأعداد ... بل يا فتنة الفتن

  أن ليس تدركك العيون وأن ... الرأي ذو أفن وذو غبن