شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

من أشعار الشارح في المناجاة

صفحة 53 - الجزء 13

  والكل أنت فكيف يدركه ... بعض وأنت السر في العلن

  ومما قلته في المعنى:

  ناجيته ودعوته اكشف عن عشا ... قلبي وعن بصري وأنت النور

  وارفع حجابا قد سدلت ستوره ... دوني وهل دون المحب ستور

  فأجابني صه يا ضعيف فبعض ذا ... قد رامه موسى فدك الطور

  أعجبني هذا المعنى فنقلته إلى لفظ آخر فقلت:

  حبيبي أنت من دون البرايا ... وإن لم أحظ منك بما أريد

  قنعت من الوصال بكشف حال ... فقيل ارجع فمطلبها بعيد

  ألم تسمع جواب سؤال موسى ... وليس على مكانته مزيد

  تعرض للذي حاولت يوما ... فدك الصخر واضطرم الصعيد

  ولي في هذا المعنى أيضا:

  قد حار في النفس جميع الورى ... والفكر فيها قد غدا ضائعا

  وبرهن الكل على ما ادعوا ... وليس برهانهم قاطعا

  من جهل الصنعة عجزا فما ... أجدره أن يجهل الصانعا

  ولي أيضا في الرد على الفلاسفة الذين عللوا حركة الفلك بأنه أراد استخراج الوضع أولا ليتشبه بالعقل المجرد في كماله وأن كل ما له بالقوة فهو خارج إلى الفعل:

  تحير أرباب النهى وتعجبوا ... من الفلك الأقصى لما ذا تحركا

  فقيل بطبع كالثقيل إذا هوى ... وقيل اختيارا والمحقق شككا

  فرد حديث الطبع إذ كان دائرا ... وليس على سمت قويم فيسلكا