شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

235 - ومن خطبة له #

صفحة 106 - الجزء 13

  ظلالا تحت العرش قبل خلق البشر وقبل خلق الطينة التي كان منها البشر أشباحا عالية لا أجساما نامية إن أمرنا صعب مستصعب لا يعرف كنهه إلا ثلاثة ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان فإذا انكشف لكم سر أو وضح لكم أمر فاقبلوه وإلا فاسكتوا تسلموا وردوا علمنا إلى الله فإنكم في أوسع مما بين السماء والأرض.

  وخامسها قوله سلوني قبل أن تفقدوني أجمع الناس كلهم على أنه لم يقل أحد من الصحابة ولا أحد من العلماء سلوني غير علي بن أبي طالب # ذكر ذلك ابن عبد البر المحدث في كتاب الاستيعاب.

  والمراد بقوله فلأنا أعلم بطرق السماء مني بطرق الأرض ما اختص به من العلم بمستقبل الأمور ولا سيما في الملاحم والدول وقد صدق هذا القول عنه ما تواتر عنه من الأخبار بالغيوب المتكررة لا مرة ولا مائة مرة حتى زال الشك والريب في أنه إخبار عن علم وأنه ليس على طريق الاتفاق وقد ذكرنا كثيرا من ذلك فيما تقدم من هذا الكتاب.

  وقد تأوله قوم على وجه آخر قالوا أراد أنا بالأحكام الشرعية والفتاوي الفقهية أعلم مني بالأمور الدنيوية فعبر عن تلك بطرق السماء لأنها أحكام إلهية وعبر عن هذه بطرق الأرض لأنها من الأمور الأرضية والأول أظهر لأن فحوى الكلام وأوله يدل على أنه المراد