شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

236 - ومن خطبة له #

صفحة 111 - الجزء 13

  وَعِيدُهَا عَمٍ قَرَارُهَا مُظْلِمَةٍ أَقْطَارُهَا حَامِيَةٍ قُدُورُهَا فَظِيعَةٍ أُمُورُهَا {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا}⁣[الزمر: ٧٣] قَدْ أُمِنَ اَلْعَذَابُ وَاِنْقَطَعَ اَلْعِتَابُ وَزُحْزِحُوا عَنِ اَلنَّارِ وَاِطْمَأَنَّتْ بِهِمُ اَلدَّارُ وَرَضُوا اَلْمَثْوَى وَاَلْقَرَارَ اَلَّذِينَ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي اَلدُّنْيَا زَاكِيَةً وَأَعْيُنُهُمْ بَاكِيَةً وَكَانَ لَيْلُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ نَهَاراً تَخَشُّعاً وَاِسْتِغْفَارًا وَكَانَ نَهَارُهُمْ لَيْلاً تَوَحُّشاً وَاِنْقِطَاعاً فَجَعَلَ اَللَّهُ لَهُمُ اَلْجَنَّةَ مَآباً وَاَلْجَزَاءَ ثَوَاباً وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا فِي مُلْكٍ دَائِمٍ وَنَعِيمٍ قَائِمٍ فَارْعَوْا عِبَادَ اَللَّهِ مَا بِرِعَايَتِهِ يَفُوزُ فَائِزُكُمْ وَبِإِضَاعَتِهِ يَخْسَرُ مُبْطِلُكُمْ وَبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ فَإِنَّكُمْ مُرْتَهَنُونَ بِمَا أَسْلَفْتُمْ وَمَدِينُونَ بِمَا قَدَّمْتُمْ وَكَأَنْ قَدْ نَزَلَ بِكُمُ اَلْمَخُوفُ فَلاَ رَجْعَةً تَنَالُونَ تُنَالُونَ وَلاَ عَثْرَةً تُقَالُونَ اِسْتَعْمَلَنَا اَللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَعَفَا عَنَّا وَعَنْكُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ اِلْزَمُوا اَلْأَرْضَ وَاِصْبِرُوا عَلَى اَلْبَلاَءِ وَلاَ تُحَرِّكُوا بِأَيْدِيكُمْ وَسُيُوفِكُمْ فِي هَوَى أَلْسِنَتِكُمْ وَلاَ تَسْتَعْجِلُوا بِمَا لَمْ يُعَجِّلْهُ اَللَّهُ لَكُمْ فَإِنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ عَلَى فِرَاشِهِ وَهُوَ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِّ رَبِّهِ وَحَقِّ رَسُولِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ مَاتَ شَهِيداً وَوَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اَللَّهِ وَاِسْتَوْجَبَ ثَوَابَ مَا نَوَى مِنْ صَالِحِ عَمَلِهِ وَقَامَتِ اَلنِّيَّةُ مَقَامَ إِصْلاَتِهِ لِسَيْفِهِ فَإِنَّ لِكُلِّ شَيْ ءٍ مُدَّةً وَأَجَلاً وظائف حقوقه الواجبات المؤقتة كالصلوات الخمس وصوم شهر رمضان والوظيفة ما يجعل للإنسان في كل يوم أو في كل شهر أو في كل سنة من طعام أو رزق