شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات

صفحة 181 - الجزء 13

  قوله صرتم بعد الهجرة أعرابا الأعراب على عهد رسول الله ÷ من آمن به من أهل البادية ولم يهاجر إليه وهم ناقصو المرتبة عن المهاجرين لجفائهم وقسوتهم وتوحشهم ونشئهم في بعد من مخالطة العلماء وسماع كلام الرسول ÷ وفيهم أنزل {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ}⁣[التوبة: ٩٧] وليست هذه الآية عامة في كل الأعراب بل خاصة ببعضهم وهم الذين كانوا حول المدينة وهم جهينة وأسلم وأشجع وغفار وإليهم أشار سبحانه بقوله {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ}⁣[التوبة: ١٠١] وكيف يكون كل الأعراب مذموما وقد قال تعالى {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ}⁣[التوبة: ٩٩] وصارت هذه الكلمة جارية مجرى المثل.

  وأنشد الحجاج على منبر الكوفة:

  قد لفها الليل بعصلبي ... أروع خراج من الدوي

  مهاجر ليس بأعرابي

  وقال عثمان لأبي ذر أخشى أن تصير بعد الهجرة أعرابيا.

  وروي ولا يعقلون من الإيمان.

  وقولهم النار ولا العار منصوبتان بإضمار فعل أي ادخلوا النار ولا تلتزموا العار وهي كلمة جارية مجرى المثل أيضا يقولها أرباب الحمية والإباء فإذا قيلت في حق كانت صوابا وإذا قيلت في باطل كانت خطأ.

  وأكفأت الإناء وكفأته لغتان أي كببته.