ذكر حال رسول الله في نشوئه
  صاحبي حين أصبحنا أتعلمين والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة فقلت والله إني لأرجو ذلك ثم خرجنا وركبت أتاني تلك وحملته معي عليها فو الله لقطعت بالركب ما يقدر عليها شيء من حميرهم حتى إن صواحبي ليقلن لي ويحك يا بنت أبي ذؤيب اربعي علينا أليس هذه أتانك التي كنت خرجت عليها فأقول لهن بلى والله إنها لهي فيقلن والله إن لها لشأنا.
  قالت ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد وما أعلم أرضا من أرض العرب أجدب منها فكانت غنمي تروح علي حين قدمنا به معنا شباعا ملأى لبنا فكنا نحتلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن ولا يجدها في ضرع حتى إن الحاضر من قومنا ليقولون لرعاتهم ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي ابنة أبي ذؤيب فيفعلون فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة وتروح غنمي شباعا لبنا فلم نزل نعرف من الله الزيادة والخير به حتى مضت سنتاه وفصلته فكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا فقدمنا به على أمه آمنة بنت وهب ونحن أحرص شيء على مكثه فينا لما كنا نرى من بركته فكلمنا أمه وقلنا لها لو تركته عندنا حتى يغلظ فإنا نخشى عليه وباء مكة فلم نزل بها حتى ردته معنا.
  فرجعنا به إلى بلاد بني سعد فو الله إنه لبعد ما قدمنا بأشهر مع أخيه في بهم لنا خلف بيوتنا إذ أتانا أخوه يشتد فقال لي ولأبيه ها هو ذاك أخي القرشي قد جاءه