شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منهما

صفحة 294 - الجزء 13

  {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ٨٩}⁣[الأعراف: ٨٩].

  قال الجاحظ ولأبي بكر في ذلك اليوم مقام مشهور خرج ابنه عبد الرحمن فارسا مكفرا في الحديد يسأل المبارزة ويقول أنا عبد الرحمن بن عتيق فنهض إليه أبو بكر يسعى بسيفه فقال له النبي ÷ شم سيفك وارجع إلى مكانك ومتعنا بنفسك.

  قال شيخنا أبو جعفر | ما كان أغناك يا أبا عثمان عن ذكر هذا المقام المشهور لأبي بكر فإنه لو تسمعه الإمامية لأضافته إلى ما عندها من المثالب لأن قول النبي ÷ ارجع دليل على أنه لا يحتمل مبارزة أحد لأنه إذا لم يحتمل مبارزة ابنه وأنت تعلم حنو الابن علي الأب وتبجيله له وإشفاقه عليه وكفه عنه لم يحتمل مبارزة الغريب الأجنبي.

  وقوله له ومتعنا بنفسك إيذان له بأنه كان يقتل لو خرج ورسول الله كان أعرف به من الجاحظ فأين حال هذا الرجل من حال الرجل الذي صلى بالحرب ومشى إلى السيف بالسيف فقتل السادة والقادة والفرسان والرجالة.

  قال الجاحظ على أن أبا بكر وإن لم تكن آثاره في الحرب كآثار غيره فقد بذل الجهد وفعل ما يستطيعه وتبلغه قوته وإذا بذل المجهود فلا حال أشرف من حاله.