شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

5 - ومن كتاب له # إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان

صفحة 34 - الجزء 14

  ولا جعله لك أكلا ولكنه أمانة في يدك وعنقك للمسلمين وفوقك سلطان أنت له رعية فليس لك أن تفتات في الرعية الذين تحت يدك يقال افتات فلان على فلان إذا فعل بغير إذنه ما سبيله أن يستأذنه فيه وأصله من الفوت وهو السبق كأنه سبقه إلى ذلك الأمر وقوله ولا تخاطر إلا بوثيقة أي لا تقدم على أمر مخوف فيما يتعلق بالمال الذي تتولاه إلا بعد أن تتوثق لنفسك يقال أخذ فلان بالوثيقة في أمره أي احتاط ثم قال له ولعلي لا أكون شر ولاتك وهو كلام يطيب به نفسه ويسكن به جأشه لأن في أول الكلام إيحاشا له إذ كانت ألفاظه تدل على أنه لم يره أمينا على المال فاستدرك ذلك بالكلمة الأخيرة أي ربما تحمد خلافتي وولايتي عليك وتصادف مني إحسانا إليك أي عسى ألا يكون شكرك لعثمان ومن قبله أكثر من شكرك لي وهذا من باب وعدك الخفي وتسميه العرب الملث.

  وأول هذا الكتاب

  من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى الأشعث بن قيس أما بعد فلو لا هنات وهنات كانت منك كنت المقدم في هذا الأمر قبل الناس ولعل أمرا كان يحمل بعضه بعضا إن اتقيت الله ø وقد كان من بيعة الناس إياي ما قد علمت وكان من أمر طلحة والزبير ما قد بلغك فخرجت إليهما فأبلغت في الدعاء وأحسنت في البقية وإن عملك ليس لك بطعمة إلى آخر الكلام وهذا الكتاب كتبه إلى الأشعث بن قيس بعد انقضاء الجمل