شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

6 - ومن كتاب له # إلى معاوية

صفحة 37 - الجزء 14

  أن يصرح لمعاوية في مكتوبه بباطن الحال ويقول له أنا منصوص علي من رسول الله ÷ ومعهود إلى المسلمين أن أكون خليفة فيهم بلا فصل فيكون في ذلك طعن على الأئمة المتقدمين وتفسد حاله مع الذين بايعوه من أهل المدينة وهذا القول من الإمامية دعوى لو عضدها دليل لوجب أن يقال بها ويصار إليها ولكن لا دليل لهم على ما يذهبون إليه من الأصول التي تسوقهم إلى حمل هذا الكلام على التقية.

  فأما قوله # وقد أكثرت في قتلة عثمان فادخل فيما دخل فيه المسلمون ثم حاكم القوم إلي أحملك وإياهم على كتاب الله فيجب أن يذكر في شرحه ما يقول المتكلمون في هذه الواقعة قال أصحابنا المعتزلة رحمهم الله هذا الكلام حق وصواب لأن أولياء الدم يجب أن يبايعوا الإمام ويدخلوا تحت طاعته ثم يرفعوا خصومهم إليه فإن حكم بالحق استديمت إمامته وإن حاد عن الحق انقضت خلافته وأولياء عثمان الذين هم بنوه لم يبايعوا عليا # ولا دخلوا تحت طاعته ثم وكذلك معاوية ابن عم عثمان لم يبايع ولا أطاع فمطالبتهم له بأن يقتص لهم من قاتلي عثمان قبل بيعتهم إياه وطاعتهم له ظلم منهم وعدوان.

  فإن قلت هب أن القصاص من قتلة عثمان موقوف على ما ذكره # أما كان يجب عليه لا من طريق القصاص أن ينهى عن المنكر وأنتم تذهبون إلى أن النهي عن المنكر واجب على من هو سوقة فكيف على الإمام الأعظم قلت هذا غير وارد هاهنا لأن النهي عن المنكر إنما يجب قبل وقوع المنكر لكيلا يقع فإذا وقع المنكر فأي نهي يكون عنه وقد نهى علي # أهل مصر وغيرهم عن قتل عثمان قبل قتله مرارا ونابذهم بيده ولسانه وبأولاده فلم يغن