شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

7 - ومن كتاب منه # إليه أيضا

صفحة 43 - الجزء 14

  من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فقد أتتني منك موعظة موصلة ورسالة محبرة نمقتها بضلالك وأمضيتها بسوء رأيك وكتاب امرئ ليس له بصر يهديه ولا قائد يرشده دعاه الهوى فأجابه وقاده الضلال فاتبعه فهجر لاغطا وضل خابطا فأما أمرك لي بالتقوى فأرجو أن أكون من أهلها وأستعيذ بالله من أن أكون من الذين إذا أمروا بها أخذتهم العزة بالإثم وأما تحذيرك إياي أن يحبط عملي وسابقتي في الإسلام فلعمري لو كنت الباغي عليك لكان لك أن تحذرني ذلك ولكني وجدت الله تعالى يقول {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}⁣[الحجرات: ٩] فنظرنا إلى الفئتين أما الفئة الباغية فوجدناها الفئة التي أنت فيها لأن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام كما لزمتك بيعة عثمان بالمدينة وأنت أمير لعمر على الشام وكما لزمت يزيد أخاك بيعة عمر وهو أمير لأبي بكر على الشام وأما شق عصا هذه الأمة فأنا أحق أن أنهاك عنه فأما تخويفك لي من قتل أهل البغي فإن رسول الله ÷ أمرني بقتالهم وقتلهم وقال لأصحابه إن فيكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله وأشار إلي وأنا أولى من اتبع أمره وأما قولك إن بيعتي لم تصح لأن أهل الشام لم يدخلوا فيها كيف وإنما هي بيعة واحدة تلزم الحاضر والغائب لا يثنى فيها النظر ولا يستأنف فيها الخيار الخارج منها طاعن والمروي فيها مداهن فاربع على ظلعك وانزع سربال غيك واترك ما لا جدوى له عليك فليس لك عندي إلا السيف حتى تفيء إلى أمر الله صاغرا وتدخل في البيعة راغما والسلام