اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب
  فأما الصلاة وكونه لم ينقل عنه أنه صلى فيجوز أن يكون لأن الصلاة لم تكن بعد قد فرضت وإنما كانت نفلا غير واجب فمن شاء صلى ومن شاء ترك ولم تفرض إلا بالمدينة ويمكن أن يقول أصحاب الحديث إذا تعارض الجرح والتعديل كما قد أشرتم إليه فالترجيح عند أصحاب أصول الفقه لجانب الجرح لأن الجارح قد اطلع على زيادة لم يطلع عليها المعدل.
  ولخصومهم أن يجيبوا عن هذا فنقول إن هذا إنما يقال ويذكر في أصول الفقه في طعن مفصل في مقابلة تعديل مجمل مثاله أن يروي شعبة مثلا حديثا عن رجل فهو بروايته عنه قد وثقه ويكفي في توثيقه له أن يكون مستور الحال ظاهره العدالة فيطعن فيه الدار قطني مثلا بأن يقول كان مدلسا أو كان يرتكب الذنب الفلاني فيكون قد طعن طعنا مفصلا في مقابلة تعديل مجمل وفيما نحن فيه وبصدده الروايتان متعارضتان تفصيلا لا إجمالا لأن هؤلاء يروون أنه تلفظ بكلمتي الشهادة عند الموت وهؤلاء يروون أنه قال عند الموت أنا على دين الأشياخ.
  وبمثل هذا يجاب على من يقول من الشيعة روايتنا في إسلامه أرجح لأنا نروي حكما إيجابيا ونشهد على إثبات وخصومنا يشهدون على النفي ولا شهادة على النفي وذلك أن الشهادة في الجانبين معا إنما هي على إثبات ولكنه إثبات متضاد.
  وصنف بعض الطالبيين في هذا العصر كتابا في إسلام أبي طالب وبعثه إلي وسألني أن أكتب عليه بخطي نظما أو نثرا أشهد فيه بصحة ذلك وبوثاقة الأدلة عليه فتحرجت أن أحكم بذلك حكما قاطعا لما عندي من التوقف فيه ولم أستجز أن أقعد عن تعظيم أبي طالب فإني أعلم أنه لولاه لما قامت للإسلام دعامة وأعلم أن حقه واجب على كل مسلم في الدنيا إلى أن تقوم الساعة فكتبت على ظاهر المجلد