شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الفصل الثالث قصة غزوة بدر

صفحة 154 - الجزء 14

  بعد قتلى بدر قال عمير بن وهب أجل والله ما في العيش بعدهم خير ولو لا دين علي لا أجد له قضاء وعيال لا أدع لهم شيئا لرحلت إلى محمد حتى أقتله إن ملأت عيني منه فإنه بلغني أنه يطوف في الأسواق فإن لي عندهم علة أقول قدمت على ابني هذا الأسير ففرح صفوان بقوله وقال يا أبا أمية وهل نراك فاعلا قال إي ورب هذه البنية قال صفوان فعلي دينك وعيالك أسوة عيالي فأنت تعلم أنه ليس بمكة رجل أشد توسعا على عياله مني قال عمير قد عرفت ذلك يا أبا وهب قال صفوان فإن عيالك مع عيالي لا يسعني شيء ونعجز عنهم ودينك علي فحمله صفوان على بعيره وجهزه وأجرى على عياله مثل ما يجري على عيال نفسه وأمر عمير بسيفه فشحذ وسم ثم خرج إلى المدينة وقال لصفوان اكتم علي أياما حتى أقدمها وخرج فلم يذكره صفوان وقدم عمير فنزل على باب المسجد وعقل راحلته وأخذ السيف فتقلده ثم عمد نحو رسول الله ÷ وعمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون ويذكرون نعمة الله عليهم في بدر فرأى عميرا وعليه السيف ففزع عمر منه وقال لأصحابه دونكم الكلب هذا عمير بن وهب عدو الله الذي حرش بيننا يوم بدر وحزرنا للقوم وصعد فينا وصوب يخبر قريشا أنه لا عدد لنا ولا كمين فقاموا إليه فأخذوه فانطلق عمر إلى رسول الله ÷ فقال يا رسول الله هذا عمير بن وهب قد دخل المسجد ومعه السلاح وهو الغادر الخبيث الذي لا يؤمن على شيء فقال النبي ÷ أدخله علي فخرج عمر فأخذ بحمائل سيفه فقبض بيده عليها وأخذ بيده الأخرى قائم السيف ثم أدخله على رسول الله ÷ فلما رآه قال يا عمر تأخر عنه فلما دنا عمير إلى النبي ÷ قال أنعم صباحا فقال له النبي ÷ قد أكرمنا الله عن تحيتك وجعل تحيتنا السلام وهي تحية أهل الجنة قال عمير إن عهدك بها لحديث فقال النبي ÷ قد أبدلنا