شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة

صفحة 196 - الجزء 14

  لا تحلين له ثم بعث إلى تلك السرية الذين كانوا أصابوا مال أبي العاص فقال لهم إن هذا الرجل منا بحيث علمتم وقد أصبتم له مالا فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له فإنا نحب ذلك وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم وأنتم أحق به فقالوا يا رسول الله بل نرده عليه فردوا عليه ماله ومتاعه حتى إن الرجل كان يأتي بالحبل ويأتي الآخر بالشنة ويأتي الآخر بالإداوة والآخر بالشظاظ حتى ردوا ماله ومتاعه بأسره من عند آخره ولم يفقد منه شيئا ثم احتمل إلى مكة فلما قدمها أدى إلى كل ذي مال من قريش ماله ممن كان أبضع معه بشيء حتى إذا فرغ من ذلك قال لهم يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه قالوا لا فجزاك الله خيرا لقد وجدناك وفيا كريما قال فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله والله ما منعني من الإسلام إلا تخوف أن تظنوا أني أردت أن آكل أموالكم وأذهب بها فإذ سلمها الله لكم وأداها إليكم فإني أشهدكم أني قد أسلمت واتبعت دين محمد ثم خرج سريعا حتى قدم على رسول الله المدينة.

  قال محمد بن إسحاق فحدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ÷ رد زينب بعد ست سنين على أبي العاص بالنكاح الأول لم يحدث شيئا قال الواقدي فلما فرغ رسول الله ÷ من أمر الأسارى وفرق الله ø ببدر بين الكفر والإيمان أذل رقاب المشركين والمنافقين واليهود ولم يبق بالمدينة يهودي ولا منافق إلا خضعت عنقه.