شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة

صفحة 197 - الجزء 14

  وقال قوم من المنافقين ليتنا خرجنا معه حتى نصيب غنيمة وقالت يهود فيما بينها هو الذي نجد نعته في كتبنا والله لا ترفع له راية بعد اليوم إلا ظهرت.

  وقال كعب بن الأشرف بطن الأرض اليوم خير من ظهرها هؤلاء أشراف الناس وساداتهم وملوك العرب وأهل الحرم والأمن قد أصيبوا وخرج إلى مكة فنزل على أبي وداعة بن ضبيرة وجعله يرسل هجاء المسلمين ورثى قتلى بدر من المشركين فقال:

  طحنت رحى بدر لمهلك أهله ... ولمثل بدر يستهل ويدمع

  قتلت سراة الناس حول حياضه ... لا تبعدوا إن الملوك تصرع

  ويقول أقوام أذل بعزهم ... إن ابن أشرف ظل كعبا يجزع

  صدقوا فليت الأرض ساعة قتلوا ... ظلت تسيخ بأهلها وتصدع

  نبئت أن الحارث بن هشامهم ... في الناس يبني الصالحات ويجمع

  ليزور يثرب بالجموع وإنما ... يسعى على الحسب القديم الأروع

  قال الواقدي أملاها علي عبد الله بن جعفر ومحمد بن صالح وابن أبي الزناد فلما أرسل كعب هذه الأبيات أخذها الناس بمكة عنه وأظهروا المراثي وقد كانوا حرموها كيلا يشمت المسلمون بهم وجعل الصبيان والجواري ينشدونها بمكة فناحت بها قريش