المقدمة
  وخوى النجم، أي: سقط وطينة الكرم أصله وسلالة المجد فرعه والوسيل جمع وسيلة، وهو ما يتقرب به، ولو قال: وسبيلا إلى جنانه لكان حسنا، وإنما قصد الإغراب على أنا قد قرأناه كذلك في بعض النسخ، وقوله ومكافأة لعملهم إن أراد أن يجعله قرينة لفضلهم كان مستقبحا عند من يريد البديع لأن الأولى ساكنة الأوسط والأخرى متحركة الأوسط وأما من لا يقصد البديع كالكلام القديم فليس بمستقبح وإن لم يرد أن يجعلها قرينة بل جعلها من حشو السجعة الثانية، وجعل القرينة وأصلهم فهو جائز، إلا أن السجعة الثانية تطول جدا، ولو قال: عوض لعملهم لفعلهم لكان حسنا قال الرضي | فإني كنت في عنفوان السن وغضاضة الغصن ابتدأت تأليف كتاب في خصائص الأئمة # يشتمل على محاسن أخبارهم وجواهر كلامهم حداني عليه غرض ذكرته في صدر الكتاب، وجعلته أمام الكلام وفرغت من الخصائص التي تخص أمير المؤمنين عليا # وعاقت عن إتمام بقية الكتاب محاجزات الأيام ومماطلات الزمان، وكنت قد بوبت ما خرج من ذلك أبوابا، وفصلته فصولا، فجاء في آخرها فصل يتضمن محاسن ما نقل عنه # من الكلام القصير في المواعظ والحكم والأمثال والآداب دون الخطب الطويلة والكتب المبسوطة، فاستحسن جماعة من الأصدقاء ما اشتمل عليه الفصل المقدم ذكره معجبين ببدائعه ومتعجبين من نواصعه، وسألوني عند ذلك أن أبدأ بتأليف كتاب يحتوي على مختار كلام أمير المؤمنين # في جميع فنونه ومتشعبات غصونه من خطب وكتب ومواعظ وأدب، علما أن ذلك يتضمن من عجائب البلاغة، وغرائب الفصاحة وجواهر العربية، وثواقب الكلم الدينية والدنياوية ما لا يوجد مجتمعا في كلام ولا مجموع الأطراف