المقدمة
  في كتاب إذ كان أمير المؤمنين # مشرع الفصاحة وموردها، ومنشأ البلاغة ومولدها ومنه # ظهر مكنونها، وعنه أخذت قوانينها وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب وبكلامه استعان كل واعظ بليغ، ومع ذلك فقد سبق وقصروا وتقدم وتأخروا؛ لأن كلامه # الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلهي، وفيه عبقة من الكلام النبوي عنفوان السن أولها ومحاجزات الأيام ممانعاتها ومماطلات الزمان مدافعاته وقوله معجبين، ثم قال: ومتعجبين فمعجبين من قولك أعجب فلان برأيه وبنفسه فهو معجب بهما والاسم العجب بالضم، ولا يكون ذلك إلا في المستحسن ومتعجبين من قولك تعجبت من كذا، والاسم العجب وقد يكون في الشيء يستحسن ويستقبح ويتهول منه ويستغرب ومراده هنا التهول والاستغراب ومن ذلك قول أبي تمام:
  أبدت أسى إذ رأتني مخلس القصب ... وآل ما كان من عجب إلى عجب
  يريد أنها كانت معجبة به أيام الشبيبة لحسنه فلما شاب انقلب ذلك العجب عجبا إما استقباحا له أو تهولا منه واستغرابا، وفي بعض الروايات معجبين ببدائعه، أي: أنهم يعجبون غيرهم والنواصع الخالصة وثواقب الكلم مضيئاتها، ومنه الشهاب الثاقب وحذا كل قائل اقتفى واتبع وقوله مسحة يقولون على فلان مسحة من جمال مثل قولك شي ء، وكأنه هاهنا يريد ضوءا وصقالا وقوله عبقة، أي: رائحة