شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الفصل الخامس في شرح غزاة مؤتة

صفحة 64 - الجزء 15

  فتغير القمر المنير لفقده ... والشمس قد كسفت وكادت تأفل

  قوم علا بنيانهم من هاشم ... فرع أشم وسؤدد متأثل

  قوم بهم عصم الإله عباده ... وعليهم نزل الكتاب المنزل

  فضلوا المعاشر عفة وتكرما ... وتعمدت أخلاقهم من يجهل

  قال الواقدي فحدثني ابن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن رافع بن إسحاق عن زيد بن أرقم أن رسول الله ÷ خطبهم فأوصاهم فقال أوصيكم بتقوى الله وبمن معكم من المسلمين خيرا اغزوا باسم الله وفي سبيل الله قاتلوا من كفر بالله لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليدا وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم واكفف عنهم ادعهم إلى الدخول في الإسلام فإن فعلوا فاقبل واكفف ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى المهاجرين فإن فعلوا فأخبرهم أن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين وإن دخلوا في الإسلام واختاروا دارهم فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله ولا يكون لهم في الفيء ولا في الغنيمة شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية فإن فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم وإن أنت حاصرت أهل حصن أو مدينة فأرادوا أن تستنزلهم على حكم الله فلا تستنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا وإن حاصرت أهل حصن أو مدينة وأرادوا أن تجعل لهم ذمة الله وذمة رسول الله فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة رسول الله ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أبيك وأصحابك فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم آبائكم خير لكم من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله