22 - ومن كتاب له # إلى عبد الله بن العباس ¦
  بقدوم الشتاء وإن كان لا بد من قدومه والمحموم غبا يساء بتجدد نوبة الحمى وإن كان لا بد من تجددها فليس سبب الاختيار في الأفعال مما يوجب أن لا يسر الإنسان ولا يساء بشيء منها.
  والجواب ينبغي أن يحمل هذا الكلام على أن الإنسان ينبغي أن لا يعتقد في الرزق أنه أتاه بسعيه وحركته فيفرح معجبا بنفسه معتقدا أن ذلك الرزق ثمرة حركته واجتهاده وكذلك ينبغي ألا يساء بفوات ما يفوته من المنافع لائما نفسه في ذلك ناسبا لها إلى التقصير وفساد الحيلة والاجتهاد لأن الرزق هو من الله تعالى لا أثر للحركة فيه وإن وقع عندها وعلى هذا التأويل ينبغي أن يحمل قوله تعالى {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ٢٢ لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ٢٣}[الحديد: ٢٢ - ٢٣].
  من النظم الجيد الروحاني في صفة الدنيا والتحذير منها والوصاة بترك الاغترار بها والعمل لما بعدها ما أورده أبو حيان في كتاب الإشارات الإلهية ولم يسم قائله:
  دار الفجائع والهموم ودار ... البث والأحزان والبلوى
  مر المذاقة غب ما احتلبت ... منها يداك وبية المرعى
  بينا الفتى منها بمنزلة ... إذ صار تحت ترابها ملقى
  تقفو مساويها محاسنها ... لا شيء بين النعي والبشرى
  ولقل يوم ذر شارقه ... إلا سمعت بهالك ينعى
  لا تعتبن على الزمان لما ... يأتي به فلقلما يرضى