شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

26 - ومن عهد له # إلى بعض عماله وقد بعثه على الصدقة

صفحة 161 - الجزء 15

  والسائلون هاهنا هم الرقاب المذكورون في الآية وهم المكاتبون يتعذر عليهم أداء مال الكتابة فيسألون الناس ليتخلصوا من ربقة الرق وقيل هم الأسارى يطلبون فكاك أنفسهم وقيل بل المراد بالرقاب في الآية الرقيق يسأل أن يبتاعه الأغنياء فيعتقوه والمدفوعون هاهنا هم الذين عناهم الله تعالى في الآية بقوله {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}⁣[التوبة: ٦٠] وهم فقراء الغزاة سماهم مدفوعين لفقرهم والمدفوع والمدفع الفقير لأن كل أحد يكرهه ويدفعه عن نفسه وقيل هم الحجيج المنقطع بهم سماهم مدفوعين لأنهم دفعوا عن إتمام حجهم أو دفعوا عن العود إلى أهلهم.

  فإن قلت لم حملت كلام أمير المؤمنين # على ما فسرته به قلت لأنه # إنما أراد أن يذكر الأصناف المذكورة في الآية فترك ذكر المؤلفة قلوبهم لأن سهمهم سقط بعد موت رسول الله ÷ فقد كان يدفع إليهم حين الإسلام ضعيف وقد أعزه الله سبحانه فاستغنى عن تأليف قلوب المشركين وبقيت سبعة أصناف وهم الفقراء والمساكين والعاملون عليها والرقاب والغارمون وفي سبيل الله وابن السبيل.

  فأما العاملون عليها فقد ذكرهم # في قوله وإن لك في هذه الصدقة نصيبا مفروضا فبقيت ستة أصناف أتى # بألفاظ القرآن في أربعة أصناف منها وهي الفقراء والمساكين والغارم وابن السبيل وأبدل لفظتين وهما الرقاب وفي سبيل الله بلفظتين وهما السائلون والمدفوعون.

  فإن قلت ما يقوله الفقهاء في الصدقات هل تصرف إلى الأصناف كلها أم يجوز صرفها إلى واحد منها.