شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

27 - ومن عهد له # إلى محمد بن أبي بكر ¥ حين قلده مصر

صفحة 166 - الجزء 15

  قوله فإنه يأتي بأمر عظيم وخطب جليل بخير لا يكون معه شر أبدا وشر لا يكون معه خير أبدا نص صريح في مذهب أصحابنا في الوعيد وأن من دخل النار من جميع المكلفين فليس بخارج لأنه لو خرج منها لكان الموت قد جاءه بشر معه خير وقد نفى نفيا عاما أن يكون مع الشر المعقب للموت خير البتة.

  قوله من عاملها أي من العامل لها.

  قوله طرداء الموت جمع طريد أي يطردكم عن أوطانكم ويخرجكم منها لا بد من ذلك إن أقمتم أخذكم وإن هربتم أدرككم.

  وقال الراوندي طرداء هاهنا جمع طريدة وهي ما طردت من الصيد أو الوسيقة وليس بصحيح لأن فعيلة بالتأنيث لا تجمع على فعلاء وقال النحويون إن قوله تعالى {وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ}⁣[النمل: ٦٢] جاء على خليف لا على خليفة وأنشدوا لأوس بن حجر بيتا استعملها جميعا فيه وهو

  إن من القوم موجودا خليفته ... وما خليف أبي ليلى بموجود

  قوله ألزم لكم من ظلكم لأن الظل لا تصح مفارقته لذي الظل ما دام في الشمس وهذا من الأمثال المشهورة.

  قوله معقود بنواصيكم أي ملازم لكم كالشيء المعقود بناصية الإنسان أين ذهب ذهب منه.

  وقال الراوندي أي الموت غالب عليكم قال تعالى {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ٤١}⁣[الرحمن: ٤١] فإن الإنسان إذا أخذ بناصيته لا يمكنه الخلاص وليس بصحيح لأنه لم يقل أخذ بنواصيكم.

  قوله والدنيا تطوى من خلفكم من كلام بعض الحكماء الموت والناس كسطور