شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان

صفحة 57 - الجزء 16

  أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ فِيمَا تَبَيَّنْتُ مِنْ إِدْبَارِ اَلدُّنْيَا عَنِّي وَجُمُوحِ اَلدَّهْرِ عَلَيَّ وَإِقْبَالِ اَلآْخِرَةِ إِلَيَّ مَا يَزَعُنِي عَنْ ذِكْرِ مَنْ سِوَايَ وَاَلاِهْتِمَامِ بِمَا وَرَائِي غَيْرَ أَنِّي حَيْثُ تَفَرَّدَ بِي دُونَ هُمُومِ اَلنَّاسِ هَمُّ نَفْسِي فَصَدَّقَنِي فَصَدَفَنِي رَأْيِي وَصَرَفَنِي عَنْ هَوَايَ وَصَرَّحَ لِي مَحْضُ أَمْرِي فَأَفْضَى بِي إِلَى جَدٍّ لاَ يَكُونُ فِيهِ لَعِبٌ وَصِدْقٍ لاَ يَشُوبُهُ كَذِبٌ وَجَدْتُكَ بَعْضِي بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّي حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي وَكَأَنَّ اَلْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِي فَعَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِينِي مِنْ أَمْرِ نَفْسِي فَكَتَبْتُ إِلَيْكَ كِتَابِي هَذَا مُسْتَظْهِراً بِهِ إِنْ أَنَا بَقِيتُ لَكَ أَوْ فَنِيتُ يزعني يكفني ويصدني وزعت فلانا ولا بد للناس من وزعة.

  وسوى لفظة تقصر إذا كسرت سينها وتمد إذا فتحتها وهي هاهنا بمعنى غير ومن قبلها بمعنى شيء منكر كقوله

  رب من أنضجت غيظا قلبه

  والتقدير غير ذكر إنسان سواي ويجوز أن تكون من موصولة وقد حذف أحد جزأي الصلة والتقدير عن ذكر الذي هو غيري كما قالوا في {لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ}⁣[مريم: ٦٩] أي هو أشد يقول # إن فيما قد بان لي من تنكر الوقت وإدبار الدنيا وإقبال الآخرة شاغلا لي عن الاهتمام بأحد غيري والاهتمام والفكر في أمر الولد وغيره ممن أخلفه ورائي.