شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق

صفحة 93 - الجزء 16

  وترى الذين قسمت مالك ... بينهم حصصا وكدك

  يتلذذون بما جمعت ... لهم ولا يجدون فقدك

  وَ اِعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ مَنْ كَانَتْ مَطِيَّتُهُ اَللَّيْلَ وَاَلنَّهَارَ فَإِنَّهُ يُسَارُ بِهِ وَإِنْ كَانَ وَاقِفاً وَيَقْطَعُ اَلْمَسَافَةَ وَإِنْ كَانَ مُقِيماً وَادِعاً وَاِعْلَمْ يَقِيناً أَنَّكَ لَنْ تَبْلُغَ أَمَلَكَ وَلَنْ تَعْدُوَ أَجَلَكَ وَأَنَّكَ فِي سَبِيلِ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ فَخَفِّضْ فِي اَلطَّلَبِ وَأَجْمِلْ فِي اَلْمُكْتَسَبِ فَإِنَّهُ رُبَّ طَلَبٍ قَدْ جَرَّ إِلَى حَرَبٍ وَلَيْسَ كُلُّ طَالِبٍ بِمَرْزُوقٍ وَلاَ كُلُّ مُجْمِلٍ بِمَحْرُومٍ وَأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ وَإِنْ سَاقَتْكَ إِلَى اَلرَّغَائِبِ فَإِنَّكَ لَنْ تَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ مِنْ نَفْسِكَ عِوَضاً وَلاَ تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَقَدْ جَعَلَكَ اَللَّهُ حُرّاً وَمَا خَيْرُ خَيْرٍ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِشَرٍّ وَيُسْرٍ لاَ يُنَالُ إِلاَّ بِعُسْرٍ وَإِيَّاكَ أَنْ تُوجِفَ بِكَ مَطَايَا اَلطَّمَعِ فَتُورِدَكَ مَنَاهِلَ اَلْهَلَكَةِ وَإِنِ اِسْتَطَعْتَ أَلاَّ يَكُونَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اَللَّهِ ذُو نِعْمَةٍ فَافْعَلْ فَإِنَّكَ مُدْرِكٌ قَسْمَكَ وَآخِذٌ سَهْمَكَ وَإِنَّ اَلْيَسِيرَ مِنَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ أَكْرَمُ وَأَعْظَمُ أَعْظَمُ وَأَكْرَمُ مِنَ اَلْكَثِيرِ مِنْ خَلْقِهِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُ