شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

37 - ومن كتاب له # إلى معاوية

صفحة 154 - الجزء 16

  وتتيه في ضلالة وتعتصم بغير حجة وتلوذ بأضعف شبهة فأما سؤالك المتاركة والإقرار لك على الشام فلو كنت فاعلا ذلك اليوم لفعلته أمس وأما قولك إن عمر ولاكه فقد عزل من كان ولاه صاحبه وعزل عثمان من كان عمر ولاه ولم ينصب للناس إمام إلا ليرى من صلاح الأمة إماما قد كان ظهر لمن قبله أو أخفى عنهم عيبه والأمر يحدث بعده الأمر ولكل وال رأي واجتهاد فسبحان الله ما أشد لزومك للأهواء المبتدعة والحيرة المتبعة إلى آخر الفصل.

  وأما قوله # إنما نصرت عثمان حيث كان النصر لك إلى آخره فقد روى البلاذري قال لما أرسل عثمان إلى معاوية يستمده بعث يزيد بن أسد القسري جد خالد بن عبد الله بن يزيد أمير العراق وقال له إذا أتيت ذا خشب فأقم بها ولا تتجاوزها ولا تقل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب فإنني أنا الشاهد وأنت الغائب.

  قال فأقام بذي خشب حتى قتل عثمان فاستقدمه حينئذ معاوية فعاد إلى الشام بالجيش الذي كان أرسل معه وإنما صنع ذلك معاوية ليقتل عثمان فيدعو إلى نفسه.

  وكتب معاوية إلى ابن عباس عند صلح الحسن # له كتابا يدعوه فيه إلى بيعته ويقول له فيه ولعمري لو قتلتك بعثمان رجوت أن يكون ذلك لله رضا وأن يكون رأيا صوابا فإنك من الساعين عليه والخاذلين له والسافكين دمه وما جرى بيني وبينك صلح فيمنعك مني ولا بيدك أمان.

  فكتب إليه ابن عباس جوابا طويلا يقول فيه وأما قولك إني من الساعين على عثمان والخاذلين له والسافكين دمه وما جرى بيني وبينك صلح فيمنعك مني