شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

المقدمة

صفحة 49 - الجزء 1

  هذا الذي ذكره الراوندي خلاف نص أهل اللغة قالوا أجمعت الأمر وعلى الأمر كله جائز نص صاحب الصحاح على ذلك.

  والمحاسن جمع حسن على غير قياس كما قالوا الملامح والمذاكر؛ ومثله المقابح، والحوار بكسر الحاء مصدر حاورته، أي: خاطبته والأنحاء الوجوه والمقاصد وأشدها ملامحة لغرضه، أي: أشدها إبصارا له ونظرا إليه من لمحت الشيء وهذه استعارة، يقال هذا الكلام يلمح الكلام الفلاني، أي: يشابهه كان ذلك الكلام يلمح ويبصر من هذا الكلام قال الرضي |: ومن عجائبه # التي انفرد بها وأمن المشاركة فيها أن كلامه الوارد في الزهد والمواعظ والتذكير والزواجر إذا تأمله المتأمل وفكر فيه المفكر وخلع من قلبه، أنه كلام مثله ممن عظم قدره ونفذ أمره، وأحاط بالرقاب ملكه لم يعترضه الشك في أنه كلام من لا حظ له في غير الزهادة ولا شغل له بغير العبادة، قد قبع في كسر بيت أو انقطع إلى سفح جبل لا يسمع إلا حسه ولا يرى إلا نفسه، ولا يكاد يوقن بأنه كلام من ينغمس في الحرب مصلتا سيفه فيقط الرقاب ويجدل الأبطال ويعود به ينطف دما ويقطر مهجا، وهو مع تلك الحال زاهد الزهاد وبدل الأبدال، وهذه من فضائله العجيبة وخصائصه اللطيفة التي جمع بها بين الأضداد وألف بين الأشتات، وكثيرا ما أذاكر الإخوان بها وأستخرج عجبهم منها وهي موضع العبرة بها والكفرة فيها