شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

40 - ومن كتاب له # إلى بعض عماله

صفحة 166 - الجزء 16

  وظهره ولا شتم عرضه ولا نزع ماله لا والله لا أعمل لك أبدا.

  وكان زياد إذا ولى رجلا قال له خذ عهدك وسر إلى عملك واعلم أنك محاسب رأس سنتك وأنك ستصير إلى أربع خصال فاختر لنفسك إنا إن وجدناك أمينا ضعيفا استبدلنا بك لضعفك وسلمتك من معرتنا أمانتك وإن وجدناك خائنا قويا استعنا بقوتك وأحسنا أدبك على خيانتك وأوجعنا ظهرك وأثقلنا غرمك وإن جمعت علينا الجرمين جمعنا عليك المضرتين وإن وجدناك أمينا قويا زدنا رزقك ورفعنا ذكرك وكثرنا مالك وأوطأنا الرجال عقبك.

  ووصف أعرابي عاملا خائنا فقال الناس يأكلون أماناتهم لقما وهو يحسوها حسوا.

  قال أنس بن أبي إياس الدؤلي لحارثة بن بدر الغداني وقد ولي سرق ويقال إنها لأبي الأسود:

  أحار بن بدر قد وليت ولاية ... فكن جرذا فيها تخون وتسرق

  ولا تحقرن يا حار شيئا أصبته ... فحظك من ملك العراقين سرق

  وباه تميما بالغنى إن للغني ... لسانا به المرء الهيوبة ينطق

  فإن جميع الناس إما مكذب ... يقول بما تهوى وإما مصدق

  يقولون أقوالا ولا يتبعونها ... وإن قيل هاتوا حققوا لم يحققوا

  فيقال إنها بلغت حارثة بن بدر فقال أصاب الله به الرشاد فلم يعد بإشارته ما في نفسي