شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

41 - ومن كتاب له # إلى بعض عماله

صفحة 168 - الجزء 16

  وَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَاَلْمُجَاهِدِينَ اَلَّذِينَ أَفَاءَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ اَلْأَمْوَالَ وَأَحْرَزَ بِهِمْ هَذِهِ اَلْبِلاَدَ فَاتَّقِ اَللَّهَ وَاُرْدُدْ إِلَى هَؤُلاَءِ اَلْقَوْمِ أَمْوَالَهُمْ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ ثُمَّ أَمْكَنَنِي اَللَّهُ مِنْكَ لَأُعْذِرَنَّ إِلَى اَللَّهِ فِيكَ وَلَأَضْرِبَنَّكَ بِسَيْفِي اَلَّذِي مَا ضَرَبْتُ بِهِ أَحَداً إِلاَّ دَخَلَ اَلنَّارَ وَوَ اَللَّهِ لَوْ أَنَّ اَلْحَسَنَ وَاَلْحُسَيْنَ فَعَلاَ مِثْلَ اَلَّذِي فَعَلْتَ مَا كَانَتْ لَهُمَا عِنْدِي هَوَادَةٌ وَلاَ ظَفِرَا مِنِّي بِإِرَادَةٍ حَتَّى آخُذُ اَلْحَقَّ مِنْهُمَا وَأُزِيحَ اَلْبَاطِلَ عَنْ مَظْلَمَتِهِمَا وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَا أَخَذْتَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ حَلاَلٌ لِي أَتْرُكُهُ مِيرَاثاً لِمَنْ بَعْدِي فَضَحِّ رُوَيْداً فَكَأَنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ اَلْمَدَى وَدُفِنْتَ تَحْتَ اَلثَّرَى وَعُرِضَتْ عَلَيْكَ أَعْمَالُكَ بِالْمَحَلِّ اَلَّذِي يُنَادِي اَلظَّالِمُ فِيهِ بِالْحَسْرَةِ وَيَتَمَنَّى اَلْمُضَيِّعُ فِيهِ اَلرَّجْعَةَ وَلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ أشركتك في أمانتي جعلتك شريكا فيما قمت فيه من الأمر وائتمنني الله عليه من سياسة الأمة وسمى الخلافة أمانة كما سمى الله تعالى التكليف أمانة في قوله {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ}⁣[الأحزاب: ٧٢] فأما قوله وأداء الأمانة إلي فأمر آخر ومراده بالأمانة الثانية ما يتعارفه الناس من قولهم فلان ذو أمانة أي لا يخون فيما أسند إليه.

  وكلب الزمان اشتد وكذلك كلب البرد.