شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

45 - ومن كتاب له # الى عثمان بن حنيف الانصارى وهو عامله على البصرة، وقد بلغه انه دعى الى وليمة قوم من اهلها فمضى اليها قوله:

صفحة 207 - الجزء 16

  ثم أمره بأن يترك ما فيه شبهة إلى ما لا شبهة فيه وسمي ذلك قضما ومقضما وإن كان مما لا يقضم لاحتقاره له وازدرائه إياه وأنه عنده ليس مما يستحق أن يسمى بأسماء المرغوب فيه المتنافس عليه وذلك لأن القضم يطلق على معنيين أحدهما على أكل الشيء اليابس والثاني على ما يؤكل ببعض الفم وكلاهما يدلان على أن ذلك المقضم المرغوب عنه لا فيه.

  ثم ذكر # حال نفسه فقال إن إمامكم قد قنع من الدنيا بطمريه والطمر الثوب الخلق البالي وإنما جعلهما اثنين لأنهما إزار ورداء لا بد منهما أي للجسد والرأس.

  قال ومن طعمه بقرصيه أي قرصان يفطر عليهما لا ثالث لهما وروي قد اكتفى من الدنيا بطمريه وسد فورة جوعه بقرصيه لا يطعم الفلذة في حوليه إلا في يوم أضحية.

  ثم قال إنكم لن تقدروا على ما أقدر عليه ولكني أسألكم أن تعينوني بالورع والاجتهاد.

  ثم أقسم أنه ما كنز ذهبا ولا ادخر مالا ولا أعد ثوبا باليا سملا لبالي ثوبيه فضلا عن أن يعد ثوبا قشيبا كما يفعله الناس في إعداد ثوب جديد ليلبسوه عوض الأسمال التي ينزعونها ولا حاز من أرضها شبرا والضمير في أرضها يرجع إلى دنياكم ولا أخذ منها إلا كقوت أتان دبرة وهي التي عقر ظهرها فقل أكلها.

  ثم قال ولهي في عيني أهون من عفصة مقرة أي مرة مقر الشيء بالكسر أي صار مرا وأمقره بالهمز أيضا قال لبيد:

  ممقر مر على أعدائه ... وعلى الأدنين حلو كالعسل