شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

المقدمة

صفحة 50 - الجزء 1

  قبع القنفذ يقبع قبوعا إذا أدخل رأسه في جلده، وكذلك الرجل إذا أدخل رأسه في قميصه وكل من انزوى في جحر أو مكان ضيق فقد قبع وكسر البيت جانب الخباء، وسفح الجبل أسفله وأصله حيث يسفح فيه الماء ويقط الرقاب يقطعها عرضا لا طولا، كما قاله الراوندي وإنما ذاك القد قددته طولا وقططته عرضا، قال ابن فارس صاحب المجمل، قال ابن عائشة: كانت ضربات علي # في الحرب أبكارا إن اعتلى قد وإن اعترض قط ويجدل الأبطال يلقيهم على الجدالة، وهي وجه الأرض وينطف دما يقطر والأبدال قوم صالحون لا تخلو الأرض منهم إذا مات أحدهم أبدل الله مكانه آخر قد ورد ذلك في كثير من كتب الحديث.

  كان أمير المؤمنين # ذا أخلاق متضادة فمنها ما قد ذكره الرضي |، وهو موضع التعجب؛ لأن الغالب على أهل الشجاعة والإقدام والمغامرة والجرأة أن يكونوا ذوي قلوب قاسية وفتك وتمرد وجبرية، والغالب على أهل الزهد ورفض الدنيا وهجران ملاذها والاشتغال بمواعظ الناس وتخويفهم المعاد، وتذكيرهم الموت أن يكونوا ذوي رقة ولين وضعف قلب، وخور طبع وهاتان حالتان متضادتان وقد اجتمعتا له #.

  ومنها أن الغالب على ذوي الشجاعة وإراقة الدماء أن يكونوا ذوي أخلاق سبعية وطباع حوشية وغرائز وحشية، وكذلك الغالب على أهل الزهادة وأرباب الوعظ والتذكير ورفض الدنيا أن يكونوا ذوي انقباض في الأخلاق وعبوس في الوجوه ونفار من الناس